فصل: ما جاء في اللعان

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: المدونة ***


فيمن قال علي نذر أن لا أقربك

قلت‏:‏ أرأيت إن قال علي نذر أن لا أقربك‏؟‏

قال‏:‏ إذا قال علي نذر ففي قول مالك هي يمين فإذا كانت يمينا فهو مول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال علي عهد الله أو الميثاق أو قال كفالة الله أيكون موليا‏؟‏

قال‏:‏ هذه كلها عند مالك أيمان فإذا كانت أيمانا فهو مول‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال علي ذمة الله قال مالك أراها يمينا قال ابن القاسم وأراه موليا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال وقدره الله وعظمة الله وجلال الله‏؟‏

قال‏:‏ هذه كلها أيمان‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أشهد أن لا أقربك أيكون موليا‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك في أشهد ولعمرى ليستا بيمين‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال أقسم أن لا أطأك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك في أقسم أنها ليست بيمين ألا أن يكون أراد بالله قال ابن القاسم فإن كان أراد أقسم بالله فأراه موليا لأنها يمين وإن لم يقل بالله ولم يرد بالله فليس بالمولى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أنا يهودي أو أنا نصراني إن جامعنك‏؟‏

قال‏:‏ لا تكون هذه يمينا في قول مالك وإذا لم تكن يمينا لم يكن موليا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال أعزم ولم يقل بالله أو قال أعزم على نفسي ولم يقل بالله إن قربتك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك في أقسم إذا لم يقل بالله ما قد أخبرتك فقوله عندي أعزم مثل قوله أقسم‏.‏

قلت أرأيت إن قال أنا زان إن قربتك أيكون موليا أم لا‏؟‏ ‏(‏قال‏:‏ لا يكون موليا لأن مالكا قال من قال أنا زان إن فعلت كذا وكذا فليس بحالف‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن حلف ليغيظها أو ليسوءنها فتركها أربعة أشهر فوقفته أيكون موليا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون هذا موليا قال ابن وهب وأخبرني يونس أنه سأل بن شهاب عن رجل قال إن قربت امرأتي سنة فهي طالق أو قال علي هدى أو عتق فمضى أربعة أشهر قبل أن يصيب امرأته‏؟‏

قال‏:‏ أرى قوله بمنزلة الايلاء والله أعلم من أجل ما عقد على نفسه لله وإن لم يكن حلف بن وهب قال يونس وسألت ربيعة عن المولى هل يجب عليه ايلاء بغير يمين حلفها ولو قال علي مشي أو عتق أو هدي أو عهد أو قال مالي في سبيل الله‏؟‏

قال‏:‏ كل ما عقد على نفسه فهو بمنزلة اليمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال والله لا أطؤك فلما مضت الأربعة الأشهر وقفته فقال لم أرد بقولي الايلاء وإنما أردت أن لا أطأها بقدمي‏؟‏

قال‏:‏ لا يقبل قوله ويقال له جامعها حتى تعلم أنك لم ترد الايلاء وأنت في الكفارة أعلم ان شئت فكفر إذا وطئت وإن شئت فلا تكفر‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن قال والله لا أجامعك في هذه الدار فمضت الأربعة الأشهر فوقفته أتأمره أن يجامعها ولا يلتفت إلى قوله اني أردت أن لا أجامعها في هذه الدار‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك يقال له أخرجها وجامعها إن كنت صادقا فإن كنت صادقا فلا كفارة عليك ولا تترك من غير أن تجامعها‏.‏

فيمن قال والله لا أطؤك في داري هذه سنة أو في هذا المصر

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته والله لا أطؤك في داري هذه سنة وهو فيها ساكن مع امرأته فلما مضت أربعة أشهر وقفته فقالت قد آلى مني وقال الزوج لست موليا إنما أنا رجل حلفت أن لا أجامعها في داري هذه فأنا لو شئت جامعتها في غير داري بلا كفارة‏؟‏

قال‏:‏ لا أراه موليا ولكني أرى أن يأمره السلطان أن يخرجها فيجامعها لأني أخاف أن يكون مضارا إلا أن تتركه المرأة ولا تريد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك إن قال والله لا أطؤك في هذا المصر أو في هذه البلدة‏؟‏

قال‏:‏ هو مول لأنه كانه قال والله لا أطؤك حتى أخرج منها فإذا كان خروجه يتكلف فيه المؤنة والكلفة فهو مول قال سحنون ألا ترى أنه إذا قال والله لا أطأ امرأتي ولك علي حق كأنه قال والله لا أطأ حتى أقضيك حقك قال سحنون وقد قال مالك في الذي يقول لا أطأ حتى أقضيك حقك أنه مول‏.‏

فيمن قال إن وطئتك فكل مملوك أملكه فيما أستقبل حر أو قال كل مملوك أشتريه من الفسطاط فهو حر

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته إن وطئتك فكل مملوك أملكه فيما أستقبل فهو حر‏؟‏

قال‏:‏ لا شيء عليه وقد قال لي مالك إذا حلف الرجل فقال كل مملوك أشتريه فهو حر أنه لا يعتق عليه شيء مما سمى لأن هذا مثل من قال كل امرأة أتزوجها فهي طالق فإذا عم في العتق وفي الطلاق لم يلزمه‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال كل مملوك اشتريه من الفسطاط فهو حر‏؟‏

قال‏:‏ هذا يلزمه فيه الحرية‏.‏

قلت‏:‏ ويكون به موليا إن قال ذلك لامرأته‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه ليس عليه يمين ان وطئها حنث بها إلا أن يشتري عبدا بالفسطاط فيقع عليه الايلاء من يوم يشتريه وكل يمين حلف بها صاحبها على ترك وطء امرأته كان لو وطىء لم يكن بذلك حانثا في شيء يقع عليه حنث فلا أراه موليا حتى يفعل ذلك الشيء فيمنعه الوطء مكانه فيكون به موليا ‏(‏وقد‏)‏ قال غيره يكون موليا لان كل من يقع عليه الحنث بالفيء حتى يلزمه ذلك إذا صار إليه فهو مول ألا ترى أنه لو وطىء امرأته قبل أن يشتريه ثم اشتراه عتق عليه وقد قال عبد الرحمن أيضا مثله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته إن وطئتك فكل مال أملكه من ذي قبل في المساكين صدقة قال‏)‏ لا شيء عليه لأن مالكا قال لو حلف بهذا لم يكن عليه أن يتصدق بثلث ما يفيد‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال كل مال أفيده بالفسطاط فهو صدقة ان جامعتك أيكون موليا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا وهو مثل ما فسرت لك في العتق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال إن جامعتك فعلي صوم هذا الشهر الذي هو فيه بعينه أيكون موليا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون هذا موليا‏.‏

قلت‏:‏ فإن لم يصم ذلك الشهر حتى خرج ثم جامعها أيكون عليه قضاء ذلك الشهر أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا يكون عليه قضاء ذلك الشهر‏.‏

قلت‏:‏ لم‏؟‏

قال‏:‏ لان الشهر قد مضى وإنما كان يكون عليه قضاؤه لو أنه جامع قبل أن ينسلخ الشهر أو جامع وقد بقى من الشهر شيء فهذا الذي يكون عليه قضاء الأيام التي جامع فيها ولا يكون عليه الايلاء ألا ترى أنه لو حلف بعتق عبده ان جامع امرأته ثم باع عبده ثم جامعها أنه لا يكون موليا فكذلك الشهر إذا مضى ثم جامع بعد ذلك بمنزلة العبد الذي باعه ثم جامع بعد ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته والله لا أطؤك في هذه السنة الا يوما واحدا أيكون موليا‏؟‏

قال‏:‏ قد اختلف فيها أهل المدينة ولم أسمع من مالك فيها شيئا ولست أرى عليه الايلاء إلا أن يطأ فإن وطىء وقد بقي عليه من السنة أكثر من أربعة أشهر فهو مول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أقربك حتى تفطمي ولدك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا يكون هذا موليا قال ابن القاسم قال مالك لأن هذا ليس على وجه الضرر إنما أراد صلاح ولده‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك وبلغني عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال‏.‏

ابن وهب‏:‏ عن يونس بن يزيد أنه سأل بن شهاب عن الرجل يقول لامرأته والله لا أقربك حتى تفطمي ولدي قال ابن شهاب ما نعلم الايلاء يكون إلا بالحلف بالله فيما يريد المرء أن يضاربه امرأته من اعتزالها وما نعلم الله فرض فريضة الايلاء إلا على أولئك فيما نرى لأن الذي يحلف يريد الضرر والاساءة إلا أن حلفه ينزل بمنزلة الايلاء ولا نرى هذا الذي أقسم الاعتزال لامرأته حتى تفطم ولده أقسم إلا على أمر يتحرى فيه الخير وليس متحرى الخير كالمضار فلا نراه وجب على هذا ما وجب على المولى الذي يولى في الغضب‏.‏

فيمن قال والله لا أجامعك سنة ونوى الجماع

قلت‏:‏ أرأيت إن قال والله لا أجامعك سنة ونوى الجماع فمضت سنة قبل أن توقفه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا مضت السنة فلا إيلاء عليه‏؟‏

قال‏:‏ ولقد سألت مالكا عن رجل آلي أن لا يمس امرأته ثمانية أشهر فلما مضت الأربعة الاشهر وقف فأبى أن يفيء فطلقت عليه ثم ارتجعها فانقضت الاربعة الأشهر قبل أن تنقضي عدتها ولم يمسها أترى رجعته ثابتة عليها ان انقضت عدتها قبل أن يمسها بعد الاربعة الاشهر إن لم يمسها قال مالك الرجعة له ثابتة إذا انقضى وقت اليمين وهي في عدتها فلا يمين عليه ورجعته رجعة لأنه ليس ها هنا يمين تمنعه من الجماع‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته والله لا أقربك ثم قال لها بعد ذلك بشهر علي حجة إن قربتك فلما مضت أربعة أشهر من يوم حلف باليمين الأولى وقفته المرأة عند السلطان فلم يفىء فطلق عليه السلطان فارتجعها مكانه فمضى شهر آخر وحل أجل الايلاء الذي بالحج فأرادت أن توقفه أيضا أيكون لها ذلك أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا لأن اليمين التي زاد إنما هي توكيد ألا ترى أنه لو وقف فحنث نفسه إن الحنث يجب عليه باليمينين جميعا فكذلك إذا حلف بالطلاق إذا أبى الفيء فذلك لليمينين وقد قال غيره هذا أيضا ‏(‏وقال‏)‏ في رجل حلف ليجلدن غلامه جلدا يجوز له بطلاق امرأته فباع الغلام قبل أن يجلده‏؟‏

قال‏:‏ أوقفه عن امرأته وأضرب له أجل المولى فإذا مضت الأربعة الاشهر ولم يرجع إليه العبد بشراء أو ميراث أو نحلة فيجلده طلقت عليه امرأته واحدة فإن صار العبد إليه بشيء من الملك الأول وهي في العدة فجلده رأيت له الرجعة ثابتة وإن لم يصر إليه العبد حتى تنقضي عدتها بانت منه فإن تزوجها رجع عليه الوقف إلا أن يملك العبد فيجلده فيخرج من يمينه ‏(‏وقال‏)‏ كبير من أصحاب مالك وهو بن دينار ساعة باع عبده وخرج من ملكه وقع عليه الطلاق ‏(‏وقال‏)‏ بن دينار في رجل حلف بعتق غلامه ليضربنه فباعه إن البيع مردود فإذا رددته أعتقت العبد لأني لا أنقض شراء مسلم قد ثبت إلى رق ولكني أنقضه إلى حرية‏.‏

فيمن‏؟‏ قال لامرأته طالق ثلاثا ان لم أفعل كذا ولم يوقت

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يقول لامرأته أنت طالق ان لم أفعل كذا وكذا ولم يوقت‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يحال بينه وبينها ويدخل عليه الايلاء من يوم يرفع ذلك وقال غيره إذا تبين للسلطان ضرره بها‏؟‏

قال‏:‏ وإنه لم يمكنه فعل ما حلف عليه ليفعلنه فلا يحال بينه وبين امرأته ولا يضرب له أجل فإذا أمكنه فعل ذلك قيل له أنت بسبيل الحنث فلا تقربها فإن رفعت امرأته أمرها ضرب له السلطان أجل المولى مثل الرجل يقول امرأتي طالق إن لم أحج ولم يوقت سنة بعينها وهو في أول السنة أو قال لأخرجن إلى بلدة فلم يجد سبيلا إلى الخروج من قبل انقطاع الطريق ألا ترى أن الحج لا يستطاع في أول السنة ولا يمكنه فعله فيفىء وفيئه فعل ما حلف عليه ليفعلنه ولا يمكنه الخروج فيفىء لأن فيء هذين ليس هو بالوطء إنما فيئه فعل الشيء الذي لا يمكنه فعله فمنها هنا لا يكون بسبيل الحنث ولا يوقف عنها ألا ترى إن المولى نفس الايلاء إذا حل أجله وأوقفته امرأته وهو مريض أو مسجون أنه يمد له في أجله للعذر الذي به لأنه لا يقال له طأ وهو مسجون ولا وهو مريض فإذا أمكنه قيل له فئ وإلا طلق عليك فكذلك الحالف ليحجن أو ليخرجن فإذا أمكنه الخروج إلى البلدة ووجد السبيل إلى الفيء فترك الخروج الذي له صار بسبيل الحنث وترك الحج حتى جاء وقت أن خرج لم يدرك الحج فمن حينئذ يقال له لا تصب امرأتك لأنك بسبيل حنث حين تركت ما قدرت عليه من فعلك ما حلفت لتفعلن فإن رفعت امرأته أمرها ضرب له السلطان أجل الايلاء فإن فعل قبل أجل الايلاء ما هو بره ومخرجه من الحج والخروج إلى البلدة بر في يمينه وسقط حلفه ولم يكن عليه ايلاء وإن جاء وقت الايلاء ولم يفعل ما أمكنه فعله طلق عليه السلطان بالايلاء فإن ارتجع وفعل الحج والخروج قبل أن تنقضي العدة كانت امرأته وكانت رجعته ثابتة له لأنه قد بر في يمينه وقد فاء لأن فيئه فعله كما أن فيء المولى نفس الايلاء الوطء ألا ترى أن المولى إذا طلق عليه بعد الأربعة الأشهر لترك الفيء ثم ارتجع فإن صدق رجعته بفيئه وهو الوطء قبل انقضاء العدة ثبتت رجعته وسقطت عنه اليمين بن وهب عن يونس بن يزيد عن ربيعة في الرجل يقول إن لم أضرب فلانا فامرأته طالق قال ربيعة ينزل بمنزلة المولى ألا أن يكون حلف بطلاقها البتة ليضربن رجلا مسلما وليس له على ذلك الرجل وتر ولا أدب وإن ضربه إياه لو ضربه خديعة من ظلم فإن حلف على ضرب رجل هو بهذه المنزلة فرق بينه وبين امرأته ولا ينتظر به ولا نعمة عين‏.‏

فيمن حلف على فعل غيره

قلت‏:‏ فإن قال يا فلان امرأتي طالق إن لم تهب لي دينارا‏؟‏

قال‏:‏ يحال بينه وبينها ولا يدخل عليه في هذا الايلاء ولكن يتلوم له السلطان على قدر ما يرى مما حلف عليه فإن وهب له المحلوف عليه ما حلف عليه وإلا فرق السلطان بينهما مكانه‏.‏

قلت‏:‏ وهاتان المسئلتان جميعا قوله مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أريت الرجل يقول لامرأته وهي نصرانية أنت طالق إن لم تسلمي‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك ليس في هذا إيلاء ولكن يوقف ويتلوم له السلطان فإن أسلمت وإلا فرق بينهما مكانه وكذلك بلغني عن مالك فيها وقال ابن شهاب ان حلف ليفعلن فعلا ان ضرب لذلك أجلا خلى بينه وبين امرأته وحمل ذلك وإن لم يجعل ليمينه أجلا ضرب له أجل فإن أنفذ ما حلف عليه فبسبيل ذلك وإن لم ينفذ ما حلف عليه فرق بينه وبين امرأته صاغرا قميئا فإنه هو فتح ذلك على نفسه في اليمين الخاطئة وقال ربيعة في الذي يحلف ليخرجن إلى افريقية بطلاق امرأته قال ربيعة يكف عن امرأته ولا يكون منها بسبيل فإن مرت به أربعة أشهر أنزل بمنزلة المولى وعسى أن لا يزال موليا حتى يأتي افريقية ويفيء في أربعة أشهر بن وهب قال الليث وقال ربيعة في الرجل يحلف بطلاق امرأته ليتزوجن عليها أنه يوقف عنها حتى لا يطأها ويضرب له أجل المولى قال الليث ونحن نرى ذلك‏.‏

في الذي يحلف بطلاق امرأته ليحجن أو يقول لامرأة ليست له بزوجة والله لا أطؤك

‏(‏وقال‏)‏ بن نافع قال مالك في الذي يحلف بطلاق امرأته ليحجن ولم يسم العام الذي يحج فيه إن له أن يمس امرأته قبل أن يحج ما بينه وبين الحجة الاولى فإن جاء الابان الذي يدرك فيه الحج من بلده فلا يمسها حتى يحج‏.‏

قلت‏:‏ أريت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأة نظر إليها ليست له بزوجة والله لا أطؤك فتزوجها بعد ذلك أيكون موليا إن تركها أربعة أشهر لم يطأها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو مول عند مالك‏.‏

قلت‏:‏ ولم وهو حين حلف أن لا يطأها لم تكن له بزوجة وإنما قال الله تبارك وتعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أن الله تبارك وتعالى قال الذين يظاهرون منكم من نسائهم وقد قال مالك إذا ظاهر الرجل من أمته فهو مظاهر فهذا يدلك على أن الذي آلى نم تلك المرأة وليست له بزوجة ثم تزوجها بعد ذلك أنه مول منها في قول مالك وقد قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وأمهات نسائكم‏}‏ فلا يجوز له أن يطأ أم جارية له قد وطئها بملك‏.‏

فيمن‏؟‏ قال لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأة إن تزوجتك فأنت طالق ووالله لا أقربك فتزوجها فوقع الطلاق في قول مالك أيقع الايلاء أم لا‏؟‏ توقعه من قبل أن الطلاق يقع قبل وقوع الايلاء في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم هذا يلزمه في اليمين لأنه لو حلف فقال لامرأة أجنبية والله لا أقربك ثم تزوجها أنه مول فكذلك مسئلتك ألا ترى أن مالكا قد قال في رجل‏؟‏ قال لامرأة نظر أليها فقال إن تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي أنه ان تزوجها وقع عليه الطلاق وهو مظاهر منها ان تزوجها بعد ذلك وجعل مالك وقوع الطلاق والظهار جعلهما يلزمانه جميعا ألا ترى لو أن رجلا نظر إلى امرأة فقال لها أنت علي كظهر أمي ولم يقل إن تزوجتك ولم يرد بقوله ذلك إن تزوجتك فإن تزوجها بعد ذلك لم يكن مظاهرا منها إلا أن يكون حين قال لها أنت علي كظهر أمي أراد بذلك أي ان تزوجتك فأنت علي كظهر أمي فيكون مظاهرا بما نوى فهذا في الظهار إذا قال لها أنت علي كظهر أمي ولم يقل ان تزوجتك ولم ينو ما قلت لك لا يكون مظاهرا ان تزوجها وهو ان قال لها ان تزوجتك فأنت طالق وأنت علي كظهر أمي أنه ان تزوجها فهي طالق وهو مظاهر منها في قول مالك ان تزوجها بعد ذلك فهذا يدلك على أن الطلاق والظهار وقعا جميعا معا في قول مالك فالايلاء ألزم من هذا فقد وقع الايلاء والطلاق جميعا معا وإنما أخبرتك أن الايلاء ألزم من الظهار لأنه لو نظر إلى امرأة في قول مالك فقال والله لا أقربك فتزوجها بعد ذلك أنه مول ولو نظر إلى امرأة فقال لها أنت علي كظهر أمي فتزوجها لم يكن مظاهرا إذا لم يكن ينوي ان تزوجتك فبهذا كان الايلاء ألزم من الظهار والايلاء لازم في مسئلتك‏.‏

فيمن‏؟‏ قال لامرأة ان تزوجتك فوطئتك فأنت طالق أو آلى من امرأته وهي صغيرة

قلت‏:‏ أرأيت إن قال ان تزوجتك فوطئتك فأنت طالق‏؟‏

قال‏:‏ ان تزوجها فهو مول إذا تزوجها فإن وطئها كانت طالقا ويسقط الايلاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن آلى منها وهي صغيرة لا يجامع مثلها‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا أرى هذا موليا ولا أرى أن يوقف حتى تبلغ الوطء‏.‏

قلت‏:‏ أتوقفه يوم بلغت الوطء ان كان قد مضى أربعة أشهر قبل ذلك أم حتى تمضي أربعة أشهر من يوم بلغت الوطء‏؟‏

قال‏:‏ بل حتى أربعة أشهر من يوم بلغت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته ان وطئتك فأنت طالق البتة أيطلقها مالك عليه مكانه أم يجعله موليا ولا يطلقها عليه‏؟‏

قال‏:‏ بلغني عن مالك أنه قال هو مول‏.‏

قلت‏:‏ لم لا يطلقها مالك عليه حين قال ان وطئتك فأنت طالق البتة وقد علم أن هذا لا يستطيع أن يقيم على امرأته الا أن لا يطأها‏؟‏

قال‏:‏ لان هذا لا يحنث إلا بالفعل وليس هذا أجلا طلق إليه وإنما هذا فعل طلق به فلا يطلق حتى يحنث بذلك الفعل وهي ان تركته ولم ترفعه إلى السلطان لم يقع عليه ظلاق أبدا ألا ان يجامعها فها هنا وجه لا يقع عليها طلاقه أبدا لأنها ان تركته لم يقع الطلاق عليها وقد ذكر أكثر الرواة عن مالك أنه لا يمكن من الفيء لان باقي وطئه لا يجوز له فلذلك لا يمكن منه قال سحنون وقد روى أيضا عن مالك أن السلطان يحنثه ولا يضرب له أجل المولى لأنه لا يمكن من الفيء إذا قامت به امرأته إذا كان حلفه على أن لا يطأها أبدا ‏(‏سحنون‏)‏ وهذا أحسن من هذا الذي فوق‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان طلقها تطليقة يملك الرجعة ثم آلى منها أيكون موليا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك أراه موليا ان مضت الأربعة الأشهر قبل أن تنقضي العدة وقف فأما فاء وأما طلق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته عبدي ميمون حر ان وطئتك فباع ميمونا أيكون له أن يطأ امرأته في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن اشترى ميمونا بعد ذلك أيعتق عليه بما وطىء مولاه قبل أن يشتريه‏؟‏

قال‏:‏ لا يعتق عليه‏.‏

قلت‏:‏ فهل يكون موليا من امرأته حين اشتراه‏؟‏

قال‏:‏ نعم هو مول لأنه لو وطىء امرأته عند مالك بعد ما اشترى العبد حنث وكذلك قال لي مالك فلما صار لا يطؤها إلا بالحنث صار موليا‏.‏

في الرجل حلف أن لا يطأ امرأته بطلاق امرأة له أخرى

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حلف بطلاق امرأته ثلاثا أن لا يطأ امرأة له أخرى فطلق التي حلف بطلاقها تطليقة فتركها حتى انقضت عدتها أيكون له أن يطأ امرأته التي كان موليا منها في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن تزوج التي كان حلف بطلاقها بعد زوج أو قبل زوج أيكون له أن يطأ امرأته التي كان منها موليا بطلاق هذه التي نكح‏؟‏

قال‏:‏ ان وطئها طلقت هذه عليه بقية طلاقها وهما تطليقتان وان تركها لا يطؤها كان منها موليا لأنه لا يستطيع أن يطأ إلا بحنث وهذا قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان طلق التي كان حلف بطلاقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج أيكون موليا من امرأته التي كان آلى منها بطلاق هذه‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون موليا لأن الطلاق الذي حلف فيه قد ذهب كله وهذا بمنزلة رجل حلف بعتق عبد له أن لا يطأ امرأته فمات العبد فقد سقطت اليمين فكذلك طلاق تلك المرأة قد ذهب كله‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج‏؟‏

قال‏:‏ هو مول منها ما دامت هذه التي آلى بطلاقها من الأخرى تحته على شيء من طلاق ذلك الملك الذي آلى فيه ألا ترى أن مالكا قال لو أن رجلا‏؟‏ قال لامرأته والله لا أطؤك فطلقها ثلاثا البتة ثم تزوجها بعد زوج انه مول منها فكذلك إذا آلى منها بطلاق صاحبتها ثم طلق التي آلى منها ثلاثا ثم تزوجها بعد زوج والتي كان حلف بطلاقها تحته على شيء من طلاق الملك الذي حلف به فإنه مول من امرأته هذه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان‏؟‏ قال لامرأته ان وطئتك ففلانة طالق لامرأة له أخرى فطلق التي حلف بطلاقها تطليقة فوطىء هذه الاخرى وتلك في عدتها أتقع عليه تطليقة أخرى فيقول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ وكذلك ان كانت عدتها قد انقضت فوطئ هذه التي تحته ثم تزوج التي كان طلق ثم وطىء هذه التي تحته انه يحنث ويقع عليه تطليقة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حلف أن لا يقربها حتى يموت فلان لرجل أجنبي أيكون موليا‏؟‏ قال نعم ألا ترى أن مالكا يقول لو قال ان وطئتك حتى يقدم أبي وأبوه باليمن فأنت طالق فقال هو مول‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان آلى من أربع نسوة له فماتت احداهن أو طلقها البتة أيكون موليا من البواقي وإن وطىء شيئا منهن حنث في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان حلف أن لا يطأ نساءه الأربع في كلمة واحدة فوطىء واحدة منهن أيقع عليه اليمين في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن وطىء الاواخر فإنما يطؤهن بغير يمين‏؟‏

قال‏:‏ نعم لأنه لما حنث في الاولى سقطت اليمين فوجبت عليه الكفارة بوطء الاولى‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال والله لا أقرب واحدة منكن وليست له نية لواحدة دون الاخرى أتجعله على جميعهن‏؟‏

قال‏:‏ نعم كذلك قال مالك يكون على جميعهن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المولى إذا مضت له سنة ولم يوقف أتطلق عليه امرأته‏؟‏ قال لا ‏(‏مالك بن أنس‏)‏ عن جعفر بن محمد عن أبيه أن علي بن أبي طالب كان لا يرى الايلاء شيئا حتى يوقف ‏(‏مالك‏)‏ عن نافع عن بن عمر أنه كان يقول إذا آلى الرجل أن لا يمس امرأته فمضت أربعة أشهر فأما أن يمسكها كما أمره الله وإما أن يطلقها ولا يوجب عليه الذي صنع طلاقا ولا غيره عبد الله بن عمرعن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة مثلهابن وهب وأخبرني رجال من أهل العلم عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وبضعة عشر رجلا من الأنصارمن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسليمان بن يسار ويحيى بن سعيد وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب وأبي الدرداء وأبي الزناد ومروان بن الحكم ومجاهد وسعيد بن جبير أنهم كانوا يقولون ليس عليه شيء حتى يوقف وان مضت الاربعة الاشهر فيفيء أو يطلق بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ سليمان بن يسار وان مضت به سنة حتى يوقف فيفىء أو يطلق‏.‏

بن لهيعة‏:‏ عن بن الهاد ان عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول إذا آلى الرجل من امرأته فلا تحرم عليه وان مكثت تسع سنين ولكن السلطان يدعوه فيفيء أو يطلق قال ابن الهاد وكان علي بن أبي طالب يقول وإن مكثت سنة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن‏؟‏ قال لامرأته والله لا أطؤك إلا في بلد كذا وكذا وبينه وبين البلدة مسيرة أربعة أشهر أو أقل أو أكثر أيكون موليا‏؟‏

قال‏:‏ نعم والايلاء له لازم ألا ترى ان مالكا يقول في الذي يقولوا لله لا أطؤك حتى أقضي فلانا حقه أنه مول‏.‏

قلت‏:‏ فإن وقفته فقال دعوني حتى أخرج إلى تلك البلدة‏؟‏

قال‏:‏ أرى إن كان ذلك البلد من قريته مثلما يختبر بالفيئة فذلك له وان كان بعيدا رأيت ان يطلق عليه ولا يزاد في الايلاء أكثر مما فرض الله وإنما هو عندي بمنزلة ما لو قال ان وطئتك حتى أكلم فلانا أو أقضي فلانا فأنت طالق فمضت أربعة أشهر فوقفته فقال أنا أقضي وأنا أفيء والمحلوف عليه غائب‏؟‏

قال‏:‏ ان كانت غيبته قريبة مثل ما لو قال أنا أفيء فيترك إليه فذلك له وان كانت غيبته بعيدة لم يقبل قوله وطلقت عليه امرأته وقيل له ارتجع ان أحببت ولقد قال مالك في الذي يقول والله لا أطؤك حتى أقضي فلانا حقه انه مول فهذا حين قال والله لا أطؤك حتى أقدم بلد كذا وكذا فهو مثل ما يقول حتى أقضي فلانا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان جامعها بين فخذيها بعد ما وقفته أو قبل أن توقفه أيكون حانثا ويسقط عنه الايلاء وهل يكون هذا فيئا أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك الفيء الجماع إذا لم يكن له عذر فلا أرى فيه إلا الجماع ولا يجزئه الجماع حيث ذكرت ولا القبلة ولا المباشرة ولا اللمس‏.‏

قلت‏:‏ ويكون عليه الكفارة حين جامع بين فخذيها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ان كان نوى الفرج فلا كفارة عليه وإلا فعليه الكفارة لأني سمعت مالكا يقول في رجل قال لجارية له أنت حرة ان وطئتك شهرا فعبث عليها فيما دون الفرج‏؟‏

قال‏:‏ ان كان لم ينو الفرج بعينه فأراه حانثا لأني لا أرى من حلف بمثل هذا إلا أنه أراد أن يعتزلها فإن لم يكن له نية في الفرج بعينه فقد حنث فإن كانت يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق امرأة له أخرى فحنث بعتق الغلام أو بطلاق امرأته سقطت عنه اليمين ولا يكون موليا وان هو كفر وكانت يمينه بالله حتى تسقط يمينه فلا إيلاء عليه ‏(‏سحنون‏)‏ وقد قال غيره إذا كانت يمينه بالله فالايلاء عليه كما هي حتى يجامع وهو أعلم في كفارته لأنه لعله أن يكفر في أشياء وجبت عليه غير هذا وحق المرأة في الوقف ووجوب الايلاء قد كان عليه فلا يخرجه إلا الفيء وهو الجماع أو يطلق عليه إلا أن تكون يمينه في شيء بعينه فيسقطه فتقع اليمين ولا يكون عليه ايلاء مثل أن تكون يمينه بعتق رقبة بعينها أو بطلاق امرأة له أخرى وقد ذكر عن مالك في اليمين بالله مثل هذا‏.‏

فيمن آلى من امرأته ثم سافر عنها

قلت‏:‏ أرأيت ان آلى من امرأته ثم سافر عنها فلما مضت أربعة أشهر أتت امرأته إلى السلطان كيف يصنع هذا السلطان في أمرها‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تطلق عليه ولكنه يكتب إلى الموضع الذي هو فيه فيوقف فأما فاء واما طلق عليه‏.‏

ومما يعرف به فيئته أن يكفر إن كان يقدر على الكفارة وإلا طلق عليه قال ابن وهب قال يونس سألت ربيعة هل يخرجه من الايلاء أن فاء أو كفر وهو مسافر أو مريض‏؟‏

قال‏:‏ نعم في رأيي بن وهب وقال ابن أبي ذئب عن بن شهاب مثل ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كان بينه وبينها مسيرة شهر أو شهرين فرفعت المرأة أمرها إلى السلطان بعد الاربعة الاشهر‏؟‏

قال‏:‏ نعم لا يقع عليها الطلاق عند مالك حتى يكتب إلى ذلك الموضع كما أخبرتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وقف في موضعه ذلك ففاء بلسانه وهو يقدر على الكفارة‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال إذا كان يقدر على الكفارة لم تعرف فيئته إلا بالكفارة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان وقف في موضعه الذي هو فيه مع امرأته ففاء بلسانه وهو يقدر على الكفارة‏؟‏

قال‏:‏ قد أخبرتك أن مالكا قال يختبر المرة والمرتين فإن فاء وإلا طلق عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال أنا أفيء وهي حائض‏؟‏

قال‏:‏ يمكنه السلطان منها ويمهله حتى تطهر في قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المسجون والمريض إذا رفعت امرأته أمرها بعد الأربعة الاشهر إلى السلطان‏؟‏

قال‏:‏ تعرف فيئته في قول مالك كما تعرف فيئة الغائب الذي وصفت لك والمريض والمسجون في هذا بمنزلة الغائب فيئته مثل فيئة الغائب الذي وصفت لك ‏(‏وقال‏)‏ بن أبي حازم وبن دينار ان عرض له فحبس في سجن أو بمرض لا يقدر فيه على الاصابة فلما حل أجله قيل له أتفيء أم تفارق فإن قال أنا أفيء ولكني في عذر كما ترون قيل له فإن مما تعرف به فيئتك ان تعتق غلامك ان كنت حلفت بعتق غلام بعينه فيسقط عنك اليمين وتكون قد بينت لنا صدقك وإنما فيئتك التي تسألنا أن ننظرك إليها توجب عليك عتق غلامك ولو كانت يمينك بغير العتق مما لا تستطيع أن تحنث فيه إلا بالفعل قبلنا ذلك منك وجعلنا فيئتك فيئة وأما أن تجد سبيلا إلى طرح اليمين عنك فتقول أنا أحنث أو أفيء ولا أعتق فليست تلك فيئة وهو قول مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان آلى من امرأته وهو صحيح ثم جاء أجل الايلاء وهو مريض فوقفته فلم يفئ فطلق عليه فمات من مرضه ذلك أترثه امرأته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ بن القاسم أرى أن ترثه وأجعله فارا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن كان آلى منها وهو مريض فحل أجل الايلاء وهو مريض فوقفته أيطلق عليه السلطان أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يطلق عليه ان لم يفيء فإن فاء وكان لا يقدر على الوطء فإن له في ذلك عذرا‏.‏

ومما يعلم به فيئته ان كانت عليه يمين يكفرها مثل عتق رقبة بعينها أو صدقة بعينها أو حلف بالله فإن فيئته تعرف إذا سقطت عنه اليمين قال مالك وكذلك لو كان في سجن أو في سفر كتب إلى ذلك الموضع حتى يوقف على مثل هذا قال ابن القاسم فإن لم تكن يمينه التي حلف بها أن لا يجامع امرأته مما يكفرها فإن الفيئة له بالقول فإن صح أو خرج من السجن أو قدم من السفر فوطىء وإلا طلقت عليه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الرجل إذا آلى من امرأته وهو مريض فلما حل أجل الايلاء وقفته ففاء بلسانه وإنما كان حلف بالله أن لا يطأها ولم يكفر عن يمينه‏؟‏

قال‏:‏ ذلك له ويؤمر أن يكفر عن يمينه فإن لم يفعل ففيئته تلك تجزئة حتى يصح فإذا صح فأما وطىء وأما طلقت عليه قال سحنون وهذه الرواية عليها أكثر الرواة وهي أصح من كل ما كان من هذا الصنف على غير هذا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان كفر عن يمينه قبل أن يصح فلما صح أبي أن يجامع أتطلق عليه امرأته أم لا‏؟‏ قال‏:‏ لا تطلق عليه امرأته لأنه ليست عليه يمين لأنه حين فاء بلسانه وكان له عذر فهو في سعة ألا أن يصح أو يكفر قبل ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أيحنث إذا فاء بلسانه وهو مريض في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا يحنث وإنما يحنث إذا جامع‏.‏

قلت‏:‏ هل تجزئة الكفارة في الايلاء قبل أن يحنث ويسقط عنه اليمين بالكفارة‏؟‏

قال‏:‏ نعم قد جعل مالك ذلك له إذا كان في المرض‏؟‏

قال‏:‏ وقال مالك إذا كان صحيحا فأحسن ذلك أن يحنث ثم يكفر فإن كفر قبل أن يحنث أجزأه ذلك وقال ابن القاسم سألنا مالكا عن الرجل يكف عن امرأته من غير يمين فلا يطأ فترفع ذلك إلى السلطان‏؟‏ قال لا يترك وذلك إذا لم يكن له عذر حتى يطأ أو يفرق بينهما‏؟‏

قال‏:‏ فقلنا له فحديث عمر بن عبد العزيز الذي كتب فيه إلى رجال كانوا بخراسان قد خلفوا أهليهم فكتب إلى أمرائهم أما ان حملوهن إليهم وأما ان قدموا عليهن وإما ان فارقوهن قال مالك وذلك رأيي وأرى أن يقضي بذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع وقد وطئها قبل ذلك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل من تزوج امرأة بكرا كانت أو ثيبا فوطئها وطأة ثم جاءه من أمر الله ما حبسه عنها فلم يقدر أن يطأها وعلم أن الذي ترك من ذلك إنما هو لمكان ما أصابه ليس ليمين عليه ولا ترك ذلك وهو يقدر على ذلك فإنه لا يفرق بينه وبينها أبدا‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الشيخ الكبير الذي لا يقدر على الجماع إذا آلى من امرأته أيوقف بعد الأربعة الأشهر أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك في هذا شيئا ولا يوقف إذا لم يستطع الجماع وإنما الايلاء على من يستطيع الفيئة بالوطء ومثل ذلك الخصي الذي لا يطأ يولي من امرأته أيوقف بعد الأربعة الأشهر أو الرجل يولي من امرأته ثم يقطع ذكره فهذا كله واحد ولا يكون على واحد منهم توقيف‏.‏

فيمن آلى من امرأته وهي مستحاضة

قلت‏:‏ أرأيت إن آلى من امرأه وهي مستحاضة فوقفته بعد مضي الاربعة الأشهر فطلق عليه السلطان فكانت في عدتها وعدتها سنة فارتجعها فمضت أربعة أشهر من بعد ما راجعها قبل أن تنقضي عدتها أيوقف ثانية أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يوقف ولكن ينتظر به ما دامت المرأة في عدتها فإن وطئها في العدة فهي رجعة وإلا فليست برجعة‏.‏

قلت‏:‏ ولم لا توقفه لها وهي ان ماتت توارثا وهو زوج‏؟‏

قال‏:‏ ألا ترى أنها إن لم يرتجعها فماتت في العدة إذا كان الطلاق غير بائن أنه يرثها وترثه ولا يوقف لها ان مضت أربعة أشهر من بعد ما طلق عليه السلطان قبل أن تنقضي عدتها فكذلك مسئلتك بل هي هذه بعينها ولا يوقف الرجل في الايلاء مرتين عند مالك في نكاح واحد لأنه إذا وقف مرة فطلق عليه السلطان فارتجع في العدة أنه ان وطىء حنث وكفر وسقط عنه الايلاء وان لم يطأ حتى تنقضي العدة فليست رجعته برجعة وتصير أحق بنفسها فهذا يدلك على أنه لا يوقف في الايلاء عند مالك مرتين وإنما حبستها العدة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا آلى من امرأته ثم طلقها تطليقة فمضى أجل الايلاء قبل انقضاء عدتها أيكون لها أن توقفه أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك نعم لها أن توقفه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان انقضت العدة قبل أجل الايلاء فمضى أجل الايلاء وليست له بامرأة ثم تزوجها بعد ذلك فأرادت أن توقفه‏؟‏

قال‏:‏ يرجع الايلاء عليه مبتدأ من يوم تزوجها التزويج الثاني فإذا مضت أربعة أشهر من يوم تزوجها التزويج الثاني وقفته ان أحبت‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن آلى منها ثم طلقها فانقضت عدة الطلاق بعد مضي ثلاثة أشهر من يوم آلى منها فبانت منه ثم خطبها مكانه فتزوجها فلما مضى الشهر قالت له المرأة أنا أوقفك فإما أن تفيء وأما أن تطلق‏؟‏

قال‏:‏ لا يكون لها أن توقفه إلا بعد مضي أربعة أشهر من النكاح الثاني لأن الملك الأول قد سقط فقد سقط الاجل الذي مضى من الايلاء الذي كان والايلاء لازم للزوج تبتدئ فيه المرأة أربعة أشهر من يوم نكحها النكاح الثاني قال ابن القاسم قال مالك إن آلى منها فوقفته بعد الاربعة الاشهر فطلق ثم تزوجها فلما مضت أربعة أشهر وقفته أيضا وطلق ثم تزوجها فلما مضت أربعة أشهر وقفته امرأته فإن فاء وإلا طلق عليه السلطان قال مالك وكذلك في الظهار والايلاء لا يبطله طلاق الزوج إياها ثلاث تطليقات طلقها بترك الفيء أو بطلاق غير ذلك ثم تزوجها بعد ذلك فإنه لا يسقط عنه الايلاء ولا الظهار لأنه لا يقدر على أن يجامع إلا بالكفارة فكل جماع لا يقدر عليه صاحبه إلا بالكفارة فإن طلاقه إياها ثلاثا ثم تزويجه إياها بعد زوج لا يسقط عنه الايلاء ولا الظهار ألا ترى أنه لا يقدر على أن يجامع إلا بكفارة فهذا يدلك على أن ذلك ثابت عليه قال مالك وإذا آلى منها إلى أجل من الآجال فوقفته بعد الأربعة الأشهر فلم يفئ ففرق السلطان بينهما ثم تزوجها بعد ذلك وقد بقي من الوقت الذي آلى إليه أربعة أشهر سواء أو أدنى من أربعة أشهر قال مالك فلا إيلاء عليه إلا أن يكون بقي من الوقت أكثر من أربعة أشهر‏.‏

قلت‏:‏ فإذا آلى ثم طلق فمضت الأربعة الأشهر من يوم آلى قبل مضي عدتها فوقفته فطلق عليه السلطان أتكون تطليقة أخرى في قول مالك‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ ويكون للزوج أن يرتجعها إذا طلق عليه السلطان حين أبى الفيء‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك نعم له أن يرتجعها ما كانت في عدتها إذا كان طلاق السلطان عليه من نكاح قد كان وطئها فيه‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا ارتجعها في عدتها فلم يطأها حتى مضت العدة أتكون رجعته رجعة أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا تكون رجعته رجعة إذا لم يطأها في عدتها‏.‏

قلت‏:‏ ويكون الزوج موسعا عليه يخلى بينه وبينها ما كانت في عدتها إذا هو ارتجعها‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإذا لم يطأها في عدتها حتى دخلت في الدم من الحيضة الثالثة بانت وحلت للأزواج مكانها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم إلا أن يكون له عذر من مرض أو سجن أو سفر فإن رجعته ثابتة عليها‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فإذا صح أو أخرج من السجن أو قدم من السفر فأمكن منها فأبى أن يطأها‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن يفرق بينهما إذا كانت العدة قد انقضت‏؟‏

قال‏:‏ فقلت لمالك فهل عليها الآن عدة‏؟‏

قال‏:‏ لا وعدتها الاولى تكفيها قال ابن القاسم ومحمل ذلك عندي إذا لم يخل بها في العدة فإن خلا بها في العدة وأقر بأنه لم طأ فرقت بينهما وجعلت عليها العدة للأزواج من ذي قبل ولا يكون للزوج عليها في هذه العدة رجعة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال الزوج قد وطئتها وقالت المرأة لم يطأني‏؟‏

قال‏:‏ فإن القول قول الزوج يصدق ويحلف‏.‏

في الذي يولي من امرأته قبل أن يبني بها

قلت‏:‏ أرأيت الرجل يولي من امرأته ولم يبن بها ولم يطأها ثم توقفه بعد الأربعة الأشهر فيطلق عليه السلطان أيكون له رجعة أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا رجعة له عليها وكذلك إذا كان قد وطئها ثم طلق عليه السلطان فانقضت عدتها ثم تزوجها بعد ذلك ولم يطأها فوقفته بعد الأربعة فلم يفئ فطلق عليه السلطان أيضا انه لا رجعة له عليها لأنه لم يطأها في هذا الملك من بعد ما عقد نكاحها الثانية وكذلك كل ملك لا يطؤها فيه فلا رجعة له عليها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا حرا وتحته مملوكة آلى منها كم أجل إيلائه هذا من هذه الأمة في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك كل حر آلى من أزواجه حرائركن أو إماء مسلمات أو مشركات من أهل الكتاب حرائر فأجل إيلائه أربعة أشهر ولا ينظر في ذلك إلى النساء وكذلك كل عبد آلى من نسائه وتحته حرائر وإماء مسلمات أو مشركات حرائر من أهل الكتاب فأجل إيلائه شهران وإنما ينظر في هذا إلى حال الرجال لا إلى حال النساء قال مالك لأن الطلاق على الرجال والعدة على النساء فكذلك أجل الايلاء للرجال‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إذا آلى منها وهو عبد وهي أمة فوقفته بعد الشهرين فلم يفىء فطلقها عليه السلطان ثم أعتقت وهي في عدتها أتنتقل إلى عدة الحرائر ويملك الزوج الرجعة في ذلك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك في الأمة إذا أعتقت وهي في عدتها من طلاق يملك الزوج الرجعة أو لا يملك الزوج الرجعة أنها تبني على عدتها عدة الأمة ولا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمت الأمة حين طلقها ولا يلتفت في ذلك إلى العتق فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن عبدا على أمة أو على حرة آلى منها فلما مضى شهر عتق العبد فمضى شهر آخر فأرادت امرأته أن توقفه بعد مضي الشهرين من يوم آلى فقال الزوج أنا حر ولي أربعة أشهر‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في عبد طلق امرأته تطليقة وهي حرة أو أمة ثم أعتق بعد ذلك أنه إنما بقي من طلاقه تطليقة واحدة قال مالك الإيلاء للرجال لأن الطلاق للرجال فأرى هذا قد لزمه الايلاء وهو عبد فأعتق بعد ذلك فلا يلتفت إلى حاله التي تحول إليها بعد العتق لأن الايلاء قد لزمه وهو عبد فأجله في الايلاء أجل عبد ألا ترى أن مالكا قال إنما بقي من طلاقه تطليقة فهذا يدلك على قول مالك أو لا ترى أن مالكا قال في الأمة يطلقها زوجها فتعتد بعض عدتها ثم تعتق أنها لا تنتقل إلى عدة الحرائر لأن العدة قد لزمتها يوم طلقها زوجها وهي أمة فكذلك مسئلتك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت العبد إذا آلى بالعتق أو بالصدقة أيكون موليا في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك في عبد حلف بعتق جارية ان اشتراها فأتى مالكا يستفتيه فقال مالك لا أحب له أن يشتريها ونهاه عن ذلك قال ابن القاسم فقلت لمالك أسيده أمره أن يحلف لها‏؟‏

قال‏:‏ مالك لا ما قال لي أن سيده أمره أن يحلف قال مالك ولم أر له أن يشتريها قال ابن القاسم فأراه موليا لأنه لو حنث ثم أعتق لزمته اليمين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إيلاء الذمي إذا حلف بعتق أو بطلاق أو بالله أو بصدقة ما يملك أو بغير ذلك من الإيمان أن لا يقرب امرأته فأسلم أيكون موليا أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك لا يكون موليا إذا أسلم سقط عنه هذا كله ألا ترى أن طلاقه لا يلزمه فكذلك إيلاؤه لأن الايلاء إلى الطلاق انتهى‏.‏

ما جاء في اللعان

قال سحنون قلت لابن القاسم أرأيت الامام إذا لاعن بين الزوجين الحرين المسلمين أو الكافرة تحت المسلم أو العبد تحته الأمة أو الأمة تحت الحر أو الحرة تحت العبد كيف يلاعن بينهم وبمن يبدأ‏؟‏

قال‏:‏ يبدأ بالرجل فيحلف أربع شهادات يقول أشهد بالله لرأيتها تزني أشهد بالله لرأيتها تزني والخامسة يقول الزوج لعنة الله علي ان كنت من الكاذبين‏؟‏

قال‏:‏ وكذلك سمعت مالكا يقول‏؟‏

قال‏:‏ وقال لي ويدرأ عنها العذاب أن تشهد فتقول أشهد بالله ما رآني أزني أشهد بالله ما رآني أزني قال تقول ذلك أربع مرات والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين‏.‏

قلت‏:‏ فإن تبرأ من الحمل كيف يلتعن‏؟‏

قال‏:‏ ما سمعت من مالك فيه شيئا وأرى أن يقول أشهد بالله لزنت ولم أسمعه من مالك وتشهد المرأة أشهد بالله ما زنيت قال ابن وهب عن مالك عن سعيد بن المسيب وسليمان بن يسار أنهما كانا يقولان يقع اللعان بين كل زوجين قال ابن وهب وأخبرني مالك أن ربيعة بن أبي عبد الرحمن وعبد الله بن يزيد بن هرمز وجميع من أدركت من العلماء كانوا يقولون يقع اللعان بين كل زوجين بن وهب عن رجال من أهل العلم عن يحيى بن سعيد ونافع مولى بن عمر وعطاء بن أبي رباح وأبي الزناد وطريف قاضي هشام وبكير بن الأشج وعبد الرحمن بن القاسم وبن قسيط بذلك وقال أبو الزناد مضت السنة في المرأة من أهل الكتاب تكون تحت الرجل المسلم أنهما يتلاعنان إذا قذفها بن وهب وقال عبد العزيز الحر يلاعن الأمة والعبد يلاعن الحرة وذلك أنهما زوجان وإن للولد حرمة نكحت أمه نكاح الإسلام فهي زوجة وليست له بأمة يصدق عليها بما قال إذا استبرأها‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم هل بين الكافرة والمسلم لعان إذا قذفها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ إذا قذفها فلا يكون عليه لعان لأنها كافرة‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن ادعى رؤية وتدعى أنه لم يجامع بعد الرؤية وهي كافرة‏؟‏

قال‏:‏ يلاعن في قول مالك الساعة لأنه يدفع عن نفسه ما يكون له منها من الولدان أحب أن يلاعن وإنما جعل مالك للزوج أن يلاعن حين زعم أنه رآها من قبل أن يظهرالحمل لأن الزوج يقول أخاف أن أموت ويكون من هذه ولد فيلحقني فلذلك كان له أن يلاعن ويدفع عن نفسه الولد ان جاءت به وإنما يلاعن المسلم النصرانية في دفع الحمل ولا يلاعنها فيما سوى ذلك‏.‏

قلت‏:‏ وهل بين الحرة والعبد أو الأمة والحر لعان في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم قال والحر مع الأمة على ما فسرت لك من الحر والنصرانية أنه لا لعان بينهما إلا في نفي الحمل بن وهب عن يحيى بن سعيد في حر تحته أمة فقذفها بالزنى‏؟‏

قال‏:‏ ان كان يبرأ من حملها فإنه يلاعنها لمكان ولدها وان كان زناها ولم يتبرأ من حملها زجر عنها وقال في المملوك تحته الأمة مثل ذلك ‏(‏وقال‏)‏ يحيى بن سعيد في النصرانية تحت المسلم مثل ذلك‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أين تلاعن النصرانية في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ في كنيستها حيث تعظم‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك وتحلف بالله‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فالمسلم أين يلتعن‏؟‏

قال‏:‏ في المسجد وعند الإمام قال سحنون وقد بينا في كتاب الشهادات أين تحلف النصرانية‏.‏

ما جاء في الوقت الذي يلتعن فيه

قلت‏:‏ أي الساعات يلتعن فيه في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ سمعت مالكا يقول يلتعن في دبر الصلوات‏.‏

قلت‏:‏ فهل تحضر النصرانية الموضع الذي يلتعن فيه زوجها أم لا‏؟‏ في قول مالك والزوج إنما يلتعن في المسجد‏؟‏

قال‏:‏ لا أعرف من قوله أنها تحضر ولا تحضر لأنها تمنع من المسجد‏.‏

قلت‏:‏ فهل يحضر الرجل موضعها حيث تلتعن في كنيستها‏؟‏

قال‏:‏ لم أسمع من مالك فيه شيئا إلا أنه قال تلتعن النصرانية في كنيستها ويلتعن المسلم في المسجد والنصرانية تمنع من دخول المسجد عند مالك فهذا يدلك على أنه لا بأس أن يلتعن كل واحد منهما بغير محضر من صاحبه إلا أن يشاء الزوج أن يحضرها‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجمع الامام للعان المسلم ناسا من المسلمين‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك يلتعن في دبر الصلوات بمحضر من الناس ولا بد للامام فيما سمعنا من مالك أن يلاعن بينهما بمحضر من الناس‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت اتمام اللعان بين الزوجين أم حتى يفرق السلطان بينهما قال قال مالك إتمام اللعان هي الفرقة بين الزوجين بن وهب عن يونس عن بن شهاب وغيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر الزوج والمرأة فحلفا بعد العصر عند المنبر بن وهب عن يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب أن المتلاعنين يتلاعنان في دبر صلاة الظهر أو العصر وما كان في دبر العصر أشدهما‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت الملاعن إذا أكذب نفسه بعد ما تم اللعان أيحل له أن ينكحها في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك لا تحل له أبدا ويضرب الحد ويلحق به الولد بن وهب وقالمالك السنة في المتلاعنين أنهما لا يتناكحان أبدا وان أكذب نفسه جلد الحد وألحق به الولد ولم ترجع إليه امرأته قال مالك وتلك السنة عندنا لا شك فيها قال ابن وهب وقاله بن شهاب ويحيى بن سعيد وربيعة بن أبي عبد الرحمن بنحو ذلك بن وهب وأخبرني بن لهيعة والليث عن عبيد الله بن أبي جعفر عن بكير بن الاشج أن التلاعن هي البتة ولا يتوارثان ولا يتناكحان أبدا وعليها عدة المطلقة وان كان لها عليه مهر وجب عليه‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم فإن أكذب نفسه قبل أن يتم اللعان ولم يبق من اللعان إلا مرة واحدة من المرات‏؟‏

قال‏:‏ أرى أنه ان أكذب نفسه وقد بقي من لعان المرأة مرة واحدة أو اثنتان جلد الحد وكانت امرأته بن وهب وحدثني يحيى بن أيوب عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه كان يقول في الملاعن أنه إن أكذب نفسه بعد ما شهد أربع شهادات من قبل الخامسة التي يلتعن فيها جلد الحد ولم يفرق بينهما‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان ظهر بامرأته حمل فانتفى منه ولاعن السلطان بينهما ثم انفش ذلك الحمل أتردها إليه‏؟‏

قال‏:‏ لا وقد مضى اللعان‏.‏

قلت‏:‏ أفيتزوجها من ذي قبل‏؟‏ قال لا‏.‏

قلت‏:‏ لم وقد مضى اللعان‏؟‏

قال‏:‏ ومن يدري أن ذلك انفش ولعلها أسقطت فكتمته بن وهب عن عبد الله بن عمر عن نافع عن بن عمر أنه قال قذف رجل من الأنصار ثم من بني العجلان امرأته فأحلفهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم فرق بينهما بعد أن تلاعنا قالابن وهب وأخبرني عياض بن عبد الله الفهري وغيره عن بن شهاب عن سهل بن سعد الأنصاري بنحو ذلك بن وهب قال سهل حضرت هذا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فمضت سنة المتلاعنين أن يفرق بينهما ثم لا يجتمعان أبدا بن وهب عن رجال من أهل العلم عن بن شهاب وبكير بن الأشج ويحيى بن سعيد وربيعة وأبي الزناد أن المتلاعنين لا يتناكحان أبدا بن وهب عن سفيان بن عيينة والفضيل بن عياض عن سليمان الأعمش عن إبراهيم النخعي أن عمر بن الخطاب قال في المتلاعنين لا يجتمعان أبدا‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت المحدود والمحدودة في القذف هل بينهما لعان في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك اللعان بين كل زوجين ألا أن يكونا جميعا كافرين فلا يكون بينهما لعان وقد بينا هذا قبل هذا وآثاره‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصبي إذا قذف امرأته وهي امرأة كبيرة أيلاعن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنه ليس بقاذف ولا يلحقه الولد ان جاءت امرأته بولد فلما كان لا يلحقه الولد وكان ليس بقاذف علمنا أنه لا يلاعن وقد قال مالك فيه أنه إن زنى لم يحد قال مالك وإن قذف الصغير لم يحد فهذا يدلك على أنه لا يلاعن‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت المملوكين المسلمين هل بينهما لعان في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ نعم بينهما اللعان كذلك قال مالك إذا أراد أن ينفي الولد أو ادعى رؤية فقال أنا ألتعن خوفا من أن يلحقني الولد إذا جاء‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الحر إذا قذف امرأته الحرة فقال رأيتها تزني وأراد أن يلاعنها وهي ممن لا تحمل من كبر أو لا تحمل من صغر‏؟‏

قال‏:‏ يلاعن إذا كانت الصغيرة قد جومعت وإن كان مثلها لا يحمل فلا بد له من اللعان وإن كانت ممن لو نكلت لم يكن عليها حد ألا ترى أن النصرانية لو نكلت عن لعان المسلم وصدقته لم يكن عليها حد وكذلك الصغيرة عندي توجب على الرجل اللعان فيما ادعى لأنه صار لها قاذفا ولا يسقط عنه الحد إن لم يلاعن ولا تلاعن الصغيرة لأنها لو أقرت بما رماها به الزوج لم تحد لذلك ولو زنت أيضا لم يكن عليها حد‏.‏

قلت‏:‏ فإن كانت هذه الحرة مثلها لا يلد إلا أن زوجها قال رأيتها تزني وهو لا يدعى حذرا من الحمل أيلتعن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ يلتعن لأن هذا قاذف لهذه الحرة فلا بد من اللعان وهو في الأمة والمشركة لا يكون قاذفا ولا يلتعن إذا قذفها إلا أن يدعى رؤية أو ينفي حملا باستبراء يدعيه فيقول أنا ألتعن خوفا من أن أموت فيلحقني الولد فهذا الذي يلتعن إذا كانت امرأته أمة أو مشركة أو من أهل الكتاب أو ينتفي من حملها ان له أن يلتعن وان أراد أن يلتعن ويحق قوله عليها لم أمنعه من ذلك لأن الله تبارك وتعالى قال ‏{‏فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله‏}‏ وإن لم يرد ذلك لم يكن عليه شيء لأنه لا حد عليه في قذفه إياها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن رجلا نظر إلى امرأته حاملا وهي أمة أو نصرانية أو مسلمة فسكت ولم ينتف من الحمل ولم يدعه حتى إذا هي وضعت الحمل انتفي منه‏؟‏

قال‏:‏ قال مالك إذا رأى الحمل ولم ينتف منه حتى تضعه فليس له أن ينتفي منه بعد ذلك حرة كانت امرأته أو أمة أو كافرة فإن انتفى منه حين ولدته وقد رآها حاملا فلم ينتف منه فإنه يجلد الحد لأنها حرة مسلمة فصار قاذفا وهذا قول مالك وأما الكافرة والأمة فإنه لا يجلد فيهما لأنه لا يجلد قاذفهما‏.‏

قلت‏:‏ فإن ظهر الحمل وعلم به ولم يدعه ولم ينتف منه شهرا ثم انتفى منه بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ لا يقبل قوله ذلك ويضرب الحد إن كانت حرة مسلمة وإن كانت كافرة أو أمة لم يضرب الحد ولحقه ذلك الولد‏.‏

قلت‏:‏ ويجعل سكوته ها هنا اقرارا منه بالحمل‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن رآه يوما أو يومين فسكت ثم انتفى بعد ذلك‏؟‏

قال‏:‏ إذا ثبتت البينة أنه قد رآه فلم ينكره أو أقر ثم جاء بعد ذلك ينكر لم يكن له ذلك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت الصبية التي يجامع مثلها إلا أنها لم تحض إذا قذفها زوجها أيلتعن في قول مالك أم لا‏؟‏ قال‏:‏ قال مالك من قذف صبية مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض فإن قاذفها يحد فكذلك زوجها عندي إذا قذفها فإنه يلاعن ليدفع بذلك عن نفسه الحد‏.‏

قلت‏:‏ وتلتعن وهي صغيرة إذا كان مثلها يجامع وإن لم تبلغ المحيض‏؟‏

قال‏:‏ لا لأنها لو زنت لم يكن عليها حد وإنما اللعان على من عليه الحد لأنها لو أقرت بما قال لم يكن عليها حد وقد قال الله تبارك وتعالى‏:‏ ‏{‏ويدرأ عنها العذاب أن تشهد أربع شهادات بالله‏}‏ وهي ممن لا عذاب عليها في إقرارها ولا زناها‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت إن قذف رجل امرأته فقال رأيتها تزني الساعة ولم أجامعها بعد ذلك إلا أني قد كنت جامعتها قبل ذلك وقد جامعتها اليوم قبل أن أراها تزني فأما منذ زنت اليوم فلم أجامعها أيلتعن أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قال لي مالك في هذه المسألة بعينها انه يلتعن ولا يلزمه الولد ان جاءت بولد قال مالك وان أقر أنه كان يطؤها حتى ساعة رآها تزني فلاعنها فإن الولد لا يلزمه إذا التعن باقراره أنه كان يطؤها حتى رآها تزني‏.‏

قلت‏:‏ فإن جاءت بالولد من بعد ما التعن بشهرين أو بثلاثة أو بخمسة أيلزم الأب الولد أم لا‏؟‏ قال‏:‏ نعم لان الابن إنما هو من وطء هو به مقر وإنه يزعم أنه رآها تزني منذ خمسة أشهر والحمل قد كان من قبل أن يراها تزني‏.‏

قلت‏:‏ أفيلحق به الولد أم لا‏؟‏ في قول مالك‏؟‏

قال‏:‏ قد اختلف فيه قول مالك فيما سمعنا منه وفيما بلغنا عنه مما لم نسمعه وأحب ما فيه إلي أنه إذا رآها تزني وبها حمل ظاهر لا يشك فيه فإنه يلحق به الولد إذا التعن على الرؤية‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت اختلاف قول مالك في هذه المسألة ما هو‏؟‏

قال‏:‏ ألزمه مرة ومرة لم يلزمه الولد ومرة يقول بنفيه وإن كانت حاملا ‏(‏وكان‏)‏ المخزومي يقول في الذي يقول لزوجته رأيتها تزني وهو مقر بالحمل قال يلاعنها بالرؤية فإن ولدت ما في بطنها قبل ستة أشهر من ادعائه فالولد منه وإن ولدته لستة أشهر فصاعدا فالولد للعان واعترافه به ليس بشيء فإن اعترف به بعد هذا ضربته الحد وألحقت به الولد‏.‏

قلت‏:‏ لابن القاسم أرأيت ان ولدت ولدين في بطن واحد فأقر بالاول ونفى الآخر أتلزمه الولدين جميعا وتضربه الحد أم لا‏؟‏ قال‏:‏ يضرب الحد ويلزمه الولدان جميعا‏؟‏

قال‏:‏ ولم أسمعه من مالك‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت لو أن امرأة ولدت ولدا ثم ولدا آخر بعد ذلك بخمسة أشهر أتجعله بطنا واحدا‏؟‏ قال نعم‏.‏

قلت‏:‏ فإن وضعت الثاني لستة أشهر فصاعدا أتجعله بطنين أو بطنا واحدا‏؟‏

قال‏:‏ بل بطنين‏.‏

قلت‏:‏ أرأيت ان قال لم أجامعها بعد ما ولدت الولد الاول‏؟‏

قال‏:‏ يلاعنها وينفي الثاني إذا كانا بطنين‏.‏

قلت‏:‏ فإن قال فإني لم أجامعها من بعد ما ولدت الولد الاول ولكن هذا الثاني ابني‏؟‏

قال‏:‏ يلزمه الولد الثاني لأن هذا الولد للفراش‏.‏

قلت‏:‏ فهل يجلد الحد حين قال لم أجامعها من بعد ما ولدت الولد الاول وهذا الثاني ولدي‏؟‏

قال‏:‏ أرى أن تسئل النساء فإن كان الحمل يتأخر عندهن هكذا لم أر أن يجلد وان قلن أنه لا يتأخر إلى مثل هذا جلدته الحد ولا أجلده إذا كان يتأخر عندهن وكان عندهن بطنا واحدا وقد سمعت غير واحد يذكر أن الحمل يكون واحدا ويكون بين وضعهما الأشهر ولا يشبه هذا أن يقول الرجل لامرأة تزوجها ولم يبن بها فجاءت بولد من بعد ما عقد نكاحها لستة أشهر فقال هذا ابني ولم أطأها من حين عقدت نكاحها فهذا يكون ابنه ويجلد الحد لأنه حين قال هو ابني ولم أطأها فكأنه إنما قال حملت به من غيري ثم أكذب نفسه بقوله انه ابني فهذا يدلك على أن الحد قد وجب عليه‏.‏